معرض سبكتروم
سرديات المكان... رؤى منقحة
من 18 يونيو إلى 1 سبتمبر 2025
عكف الفنانون المشاركون في برنامج المصور المقيم "سبيكتروم" لهذا العام على تجريب الأساليب المتنوعة في فنون صناعة الصورة، وذلك من خلال فضولهم الفطري وتفاعلهم الحسي مع البيئة المحيطة. وقد بدأت تجربة الإقامة هذه بالتخلّي عن الاعتماد التقليدي الكبير على الأساليب التقنية والشكلية في إنتاج الصور، ثم بدأت تسحب مركز الثقل شيئاً فشيئاً لتتمحور حول اشتقاق الصور من تجارب حسية سردية؛ فكانت النتيجة أن كشفت الموضوعات الجماعية التي ظهرت في أعمالهم عن ملامح خرائط شخصية تتسم بالتجاذبات مع مساحات العيش والسكن المألوفة.
في هذا البرنامج، ينقِّب الفنانون عن حكايات تعكس ذواتهم وتعبِّر عن الآخرين في آنٍ معاً، ومن خلال الحركة والاستنطاق المكاني والتفاعل مع الشخصيات التي ظهرت في سردياتهم الفوتوغرافية، كشف الفنانون عن شذرات وطبقات جُمعت معاً لتشكل أعمالاً فنية نشأت وتطورت من خلال الحوارات المستمرة في الاستوديو ومداخلات الأقران. يُظهر المعرض عملية استكشاف مدروسة للأفكار التي توازِن بين ما هو استهلالي وما هو متواتر. وفي الوقت نفسه، يكشف المعرض النقاب عن مدى تفاني الفنانين في سكون وطمأنينة ليبدعوا أساليب متقنة لصياغة الصور باعتبارها حيِّزاً جميلاً للمعلومات الحسية. ومن خلال نسج العناصر والخامات والأصوات، إلى جانب الأعمال الفنية المتحركة والثابتة، والابتعاد عن النهج الاختزالي للعمل القائم على النتيجة الواحدة، أبدع الفنانون نغماتهم وإسقاطاتهم الخاصة، وذلك بانتهاج طرق عمل متجذّرة في التعبير عن العمق بدلاً عن الإبهار. وفي الواقع، تتجسد انسيابية سياق هذا المعرض في دعوته الزوار لمشاركة هذه اللوحات الذاتية العميقة التي استخلصها كل فنان على طريقته.
أمان علي (1996، الهند) – مخاض الحب
السيرة الذاتية الموجزة: وُلد أمان علي عام 1996م في أبوظبي، وهو مصور فوتوغرافي يعمل في أبوظبي ويعيش فيها، مركزاً في عمله على التقاط اللحظات الهادئة في خضم الحياة اليومية. علاوة على ذلك، يولي الفنان اهتماماً خاصاً بالإيماءات والتعبيرات العابرة والتكرار الخفي للمألوف. وقد شكّلت علاقته المبكرة بالكتب التي بدأ شغفه في قراءتها منذ طفولته أساس حبه للسرد الذي تسلل بهدوء إلى عدسته، ولا يزال ينبض في تفاصيل ممارسته حتى اليوم. وعلى الرغم من أن أمان علي لم يتلقَ أي تدريب رسمي في مجال التصوير الفوتوغرافي، إلا أن إتقانه فن التصوير الفوتوغرافي تطور من خلال الاستكشاف الذاتي والحساسية العميقة تجاه السرد البصري. يعمل أمان علي في المقام الأول مع الفيلم، منجذباً إلى وتيرته وصدقه الجوهري كوسيلة تمنحه حضوراً أكبر مع موضوعاته.
بيان الفكرة: يشكِّل العمل الفني "مخاض الحب" جزءاً من سلسلة "صور عائلية" التي تقدم مجموعة مختارة تكشف عن كيفية رعاية الأمهات في البيئة المحيطة بالفنان لأطفالهن بالكثير من الطرق والأساليب المتنوعة. وهذه الصور تهدف إلى توثيق نقش حكايات الحب والعناية المحفور في أيدي الأمهات على مرّ السنين.
ها هي أيدي الأمهات
بكل لين وهدوء ومحبة
ترعانا وتصنعنا عبر السنين
مرّت الأعوام
وأصبحت تلك الأيدي الناعمة خشنة
وفي خضم هذا التحول
تكمن حكايات هادئة تسرد فيضاً من الحب والرعاية
حكايات لم يذكرها أحد
لكنها تتكشف فقط من خلال علاقة تفيض حباً وعطاءً لا ينضب
تجاه أطفالهن.
تحتفي هذه السلسلة بالجهود الصامتة للأمهات وحنانهن الدائم، ويتم سردها من خلال الذكريات المنقوشة على أجسادهن. وهذه الصور لنساء من عائلتي ليست مجرد صور لأيدٍ فحسب، بل لوحات فنية تجسد الذكريات والتضحيات والحب الذي صنع منا ما نحن عليه اليوم.
آنّا يوب (1983، بولندا) – عن البستنة
السيرة الذاتية الموجزة: ولدت آنّا يوب عام 1983م في بولندا، وهي مصورة فوتوغرافية تعيش في أبوظبي، وينصبّ تركيزها المتنامي على التعرف إلى كيفية تشكيل علاقتنا مع ما هو أكثر من البشر، وذلك من خلال النظرة الإنسانية للعالم، وتمثيل النباتات في الفن أو العلم، وتحول الطبيعة إلى سلعة. علاوة على ذلك، تستكشف الفنانة كيفية تشكُّل مفهوم تغيُّر المناخ من خلال التجارب الفردية الخاصة بفقدان المشهد البيئي. حصلت آنّا على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي واللغويات من جامعة آدم ميكيفيتش في بوزنان عام 2008، ودبلوم الدراسات العليا في التصميم الجرافيكي والتصوير الفوتوغرافي من أكاديمية سترزيمينسكي للفنون الجميلة في لودز عام 2013. وقبل انتقالها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، عاشت في بودابست، بالمجر، لمدة عشر سنوات، حيث عُرض في معرض 1111 وغاليري CEU المفتوح في بودابست عام 2024 مشروعها الأخير "لم أتوقع أبداً أن يحدث هذا لحديقتي (2023–2024)" الذي يوثق الفقدان التدريجي لأشجار التنوب الصنوبرية في المجر بسبب تغيُّر المناخ.
بيان الفكرة: في أواخر تسعينيات القرن الماضي، صاغ اثنان من علماء النبات هما جيمس واندرسي وإليزابيث شوسلر مصطلح التعامي عن النباتات، ويعرّفانه بأنه: "عدم القدرة على رؤية أو ملاحظة النباتات في بيئة المرء، وعدم إدراك أهمية النباتات في المحيط الحيوي وفي حياة الإنسان وعدم استطاعة تقدير السمات الجمالية والبيولوجية الفريدة لأشكال الحياة التي تنتمي إلى مملكة النبات؛ إضافة إلى التصنيف البشري المضلل للنباتات على أنها أدنى من الحيوانات، وبالتالي لا تستحق الاهتمام". وفي الواقع، يشكل التعامي عن النباتات إحدى التبعات الملحّة داخل نطاق السياق العالمي الحالي لارتفاع درجات الحرارة بسبب التغير المناخي، حيث يشكل دور النباتات في معظم المناطق الحضرية المحيطة معنى مغايراً.
تُعدّ رحلتي الفوتوغرافية عبر مدن دولة الإمارات العربية المتحدة استكشافاً للأنماط والسرديات في حياة النباتات وكيف يشكّلها البشر في الأماكن العامة، سواء في الأماكن الحضرية الرسمية أو غير الرسمية. وفي كل الأحوال، أبدأ دائماً بما هو أكثر وضوحاً، أي المساحات الخضراء المزروعة لتزيين الشوارع والأحياء، ثم أشرع في استكشاف الطرق التي يتبعها أصحاب المتاجر والسكان في زراعة حدائقهم الخاصة وكيف يحافظون عليها. قد تكون هذه الحدائق بضع أوانٍ فيها زهور أمام متجر، أو حدائق أكبر مزروعة أمام المباني السكنية. حتى في الأزقة الخفية في المدن الداخلية أو في المناطق الصناعية النائية، ستجد حدائق صغيرة تزينها أشجار الفاكهة وأنواع من الخضروات. وهذه الجهود الشخصية المبذولة تُظهر مدى الحاجة ولمسة الجمال في ارتباط الإنسان بالطبيعة في أكثر الأماكن إثارة للدهشة والرغبة، والتي تشعرك "أنك في بيتك" وأنت داخل المدينة، فجميعها تتجلى من خلال أعمال البستنة. وسواء كانت زراعة هذه النباتات مصممة بعناية من قبل مخططي المدينة أو مرتجلة من قبل سكانها، فإنها تستحق دائماً أن يُنظر إليها على أنها أكثر من مجرد زينة أو محصول.
دانا الضاعن (1999، الإمارات) – بصمات المستور
السيرة الذاتية الموجزة: وُلدت دانا الضاعن عام 1999م في أبوظبي، وهي فنانة إماراتية تحمل بكالوريوس علوم البيئة والاستدامة، ويشكل التصوير الفوتوغرافي المجال الرئيسي لأعمالها الفنية، حيث تمزجه مع الفن الرقمي لتبدع سرديات بصرية آسرة. تلتقط الضاعن من خلال عدستها تفاصيل الطبيعة الدقيقة لإيجاد الوضوح وسط فوضى الحياة. تحث أعمال الضاعن المشاهدين على التوقف وملاحظة اللحظات التي غالباً ما يتم إغفالها في أحضان الطبيعة؛ مما يشجعهم على التفكير بعمق في العوالم الصغيرة من حولنا.
بيان الفكرة: في ممارستي الفنية، ألتقط اللحظات الصغيرة التي تتكشف داخل توازنات العمليات الطبيعية. ولا يمكن البدء بملاحظة ملامح التعقيدات الكامنة تحت السطح إلا عندما يتم البحث عن تلك المساحات بعناية. وعند استكشافي هذه اللحظات الصغيرة، أجد نفسي مع هذه المخلوقات، من خلال ظاهرة إيهام الخيالات المرئية (باريدوليا). وعند رؤيتي لهذه المخلوقات في الطبيعة، أحاول الحفاظ عليها برسمها رقمياً على الصور الفوتوغرافية التي ألهمت ظهورها.
حوار قصير مع مخلوق
المخلوق: أنا هنا، أنا موجود
الفنانة: إني أراك
المخلوق: وماذا عن الآخرين؟
الفنانة: سوف يأتي دورهم ...
تأمَّل بعمق ونية صادقة، واترك الباقي لهذه المخلوقات لتفصح عن أنفسها.
فارس الكعبي (1990، الإمارات) – جذور حول قلوبنا وشجرة الرولة الباكية
السيرة الذاتية الموجزة: وُلد فارس الكعبي عام 1990م في العين، وهو مصور فوتوغرافي وفيديو، وكاتب اقتباسات ونصوص، ومقدم فعاليات، ومعلق صوتي يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال (2019–2022)، ويشغل حالياً وظيفة ذات طبيعة تقنية بدوام كامل، مما يجعل من الصعب تصديق أن لديه هذه الموهبة الفنية. بدأ شغف فارس بالتصوير عندما كان مقدماً لحفل تخرج ومسؤولاً عن تنفيذ إحدى فقرات جدول الحفل، وهي التقاط الصورة الجماعية، وخطر له أن يُضيف مقدمة شعرية لدعوة الطلاب للمشاركة فيها. تبادرت إلى ذهنه هذه العبارة: "توثيق لحظة قد لا نعيشها مرة أخرى". ومنذ ذلك الحين، توجهت عدسته الفوتوغرافية نحو توثيق اللحظات اليومية التي غالباً ما تمر دون أن يُلاحظها أحد. إنه يستكشف المساحات التي تحمل بين طياتها العديد من المعاني الخاصة دون الحاجة إلى توضيحها من خلال صوره.
بيان الفكرة: أستلهم صوري الفوتوغرافية من المنطقة التي نشأت وترعرعت فيها، وهي منطقة بُنيت في سبعينيات القرن الماضي، لكنها تعرضت للهدم مؤخراً. وهذه المجموعة الفنية تركز على الأبواب والنوافذ التي تذكرني بذلك المكان، وتُحدثني في الوقت نفسه عن صلتي القوية بالأماكن وعن القصص التي ترويها وتحمل أحداثها بين ثناياها.
حصة الزعابي (1998، الإمارات) – تظل الروح باقية
السيرة الذاتية الموجزة: وُلدت حصة الزعابي عام 1998م في دبي، وهي فنانة إماراتية تحمل درجة بكالوريوس الفنون الجميلة في الفنون البصرية من جامعة زايد. يهدف عمل حصة إلى تشجيع التأمل في أهمية البقاء متصلين بجذورنا، مع التأكيد على قيمة الحفاظ على تعاليم وثقافة الأجيال السابقة، ولا سيما في ظل عالم مليء بالتغيرات السريعة، ويتسع فيه مفهوم العولمة يوماً بعد يوم. عرضت حصة أعمالها في أماكن متنوعة، منها حي دبي للتصميم، والسركال أفنيو، ومهرجان سكة للفنون والتصميم، وذا فاوندري. وتشمل مشاريعها الفنية كلاً من: "مشروع الطائرة الورقية" (2020)، "الوجود لا يشترط أن يكون" (2021)، "واجهة مشوّهة" (2021)، "بقايا الهوية" (2022)، بالإضافة إلى تصميم لوحة جدارية بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تم ابتكارها ضمن عمل تعاوني بين جامعة زايد ومهرجان سميثسونيان للفنون الشعبية عام 2022.
بيان الفكرة: أستكشف، خلال عملي، العلاقة المعقدة بين الإنسان والمكان ضمن المشهد المتغير باستمرار في مدينة دبي التي تمثِّل شاهداً على التغير السريع، حيث تُستبدل المعالم المألوفة بمشاريع عمرانية جديدة بين عشية وضحاها. في جميرا تحديداً، حيث ولدت ونشأت، كل جدار يُهدم كأنما ينزع قطعة من روحي، فأجد نفسي أصارع مستجدات هذا التبدّل، وكأن ماضي المكان يُمحَى من قلبي، تاركاً خلفه فراغاً يصعب التكيف معه أو الإحساس بالانتماء إليه. بينما أتأمل كيف يؤثر هذا الإيقاع المتسارع للتغيّر في هويتي، أتساءل: هل يمكن حقاً أن تنشأ روابط دائمة مع أماكن عابرة وزائلة بطبيعتها؟ عندما تتبدّل البيئات كل بضعة أشهر، كيف لي أن أنسج روابط ذات معنى مع المكان؟
وقد دفعتني هذه التجربة إلى إمعان النظر في كل ما يحيط بي، وتوثيق جمال الأماكن التي يُحتمل أن تطالها يد التغيير في المستقبل القريب. وبينما تتلاشى ذكريات طفولتي شيئاً فشيئاً، وتتبدّل المشاهد من حولي خلال بضع سنوات فقط، أتساءل: كيف يعيش الآخرون في الحي الذي أنتمي إليه في خضم المشاعر الجامحة التي ترافق هذا التغيّر الدائم؟ هل أنا وحدي من ينوح على ذكريات المكان المتلاشية؟
أسرد، من خلال أعمالي، حكايات أولئك الذين عاشوا في منطقة جميرا لسنواتٍ طويلة، وأستكشف كيف أثّر هذا التغيير فيهم لأرسم ملامح من حياتهم الخاصة وأكشف عن تطوّر علاقاتهم بمدينة يعشقونها. في الواقع، يُعد عملي محاولةً لاستكشاف التوازن الدقيق بين الحنين إلى الماضي وضرورة احتضان كل ما هو جديد ومواكبته. وهذا العمل لا يقتصر على توثيق الأماكن الفعلية في جميرا، بل يرصد المشاهد الوجدانية التي تثيرها في داخلي. كما أود أن يكون هذا العمل بمثابة تذكِرة توقظ الحواس وتدعو للتأمل والتقدير وسط عالم دائم التغيُّر.
ريم حميد (1996، الإمارات) – بين الحركة والسكون، 2025
السيرة الذاتية الموجزة: وُلدت ريم حميد عام 1996م في دبي، وهي شاعرة وفنانة بصرية تغوص في أعماق المشاعر الإنسانية بما تحمله من جمال وتعقيد؛ فتُبدع أعمالاً تُسلط الضوء على مشاعر الحب والحزن والحنين إلى الوطن التي ينسجها العقل في حالة الوعي واللاوعي. يتسع نطاق ممارسة ريم الفنية متعددة التخصصات ليشمل الشعر والفنون البصرية والأداء، مستمدةً مصدر إلهامها من تجاربها الشخصية والجماعية، لتعكس عبر أعمالها تأملات في الذاكرة والحركة، والوقع العاطفي لدورات الطبيعة المتجددة. حصلت ريم على شهادة في إدارة الأعمال الدولية من جامعة نورث كارولينا عام 2019، ثم أتمّت مشوارها الأكاديمي بحصولها على درجة الماجستير في الشؤون العامة من جامعة نورث كارولينا في غرينسبورو عام 2022. وتعكف حالياً على توسيع مسارات فنها لتشمل فنون الأداء والصوت، مستحضرة تحولات روحية وانفعالية تنبض بالحياة.
بيان الفكرة: يستكشف هذا المشروع التوتر الناشئ بين الحركة والسكون، وذلك من خلال تجربتي الشخصية من تنقلي الدائم بين أبوظبي ومدينة دبا. في الواقع، يسير عملي الفني وفق نسق إيقاعي: الاندفاع المبهم نحو السكون، الاستسلام التدريجي له، قوة الجذب الحتمية لمعاودة الحركة. وفي النهاية، يتحول هذا التكرار إلى تأمُّل عميق في كيفية تكيُّف جسدي وعقلي وروحي، ومقاومتهم وتحوُّلهم خلال هذه التنقلات.
خلال هذه الدورة المتكررة التمهيدية، تتحول الرمال إلى جسد حي يتشكل بلا انقطاع بفعل قوى داخلية وخارجية. وتُعرض على الرمال صور متحركة افتراضية استُمدت من ممارستي الفنية، ترافقها قصيدة مسجلة تنبض بصوت المشاعر التي تولدها هذه الحركات والسكنات.
يوسف البادي (1989، السودان) – أماكن لا نذكر اسمها، 2025
السيرة الذاتية الموجزة: وُلد يوسف البادي عام 1989م في الشارقة، وهو طبيب ومصور وثائقي يعيش في أبوظبي، ويحمل شهادة بكالوريوس الطب والجراحة؛ الأمر الذي شكَّل لديه هذه الخلفية الطبية وعزز جوهر رؤيته الفوتوغرافية؛ فكل من الطب والفن يتطلب حاسة ملاحظة حادة وعمقاً في التعاطف واهتماماً بالغاً بأدق التفاصيل. هنا، يستكشف هذا العمل طويل الأمد في مجال التصوير الفوتوغرافي العلاقة بين الإنسان من جانب والطبيعة والمساحات الحضرية والضوء والظل من الجانب الآخر، من خلال رؤية جمالية قائمة على البساطة. وقد نجح يوسف، المصور الفوتوغرافي الذي علم نفسه بنفسه منذ عام 2009، في إبراز اسمه على الساحة العالمية من خلال أعماله الفنية التي حصدت جوائز مرموقة، منها المركز الأول في جوائز ND (فئة التصوير المعماري)، والمركز الأول في مسابقة "فضاءات من نور" للتصوير الفوتوغرافي (فئة السرد البصري)، بالإضافة إلى جائزة إن-فوتو: مجلة نيكون (فئة التصوير المعماري والسياحي). وعُرِضَت صوره الفوتوغرافية في معارض في لندن وإيطاليا ودول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن ظهورها على صفحات مجلة ناشونال جيوغرافيك. حالياً، يَشغل يوسف منصب سفير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأمين قسم التصوير الفوتوغرافي في منصة 1x.com.
بيان الفكرة: تنبثق هذه الأعمال من مكان هادئ في أعماقي، مكان رسمت ملامحه السكينة والذاكرة وتلك المساحات التي غالباً ما أعبرها دون أن ألتفت إليها: ممر صامت، أو حافة سطح، أو وهج خافت تعكسه إحدى العتبات. بالنسبة لي، هذه المساحات ليست بلا اسم، بل لها أسماء لم تُنطق بعد. ومع ذلك، فهي ترسم خطواتي وتحدد طريقتي في التنقّل بين أزقّة المدينة. تظل كامنة في الخلفية، تنسج في صمت تجربتي مع تفاصيل حياتي اليومية.
تتألف هذه المجموعة الفنية من عشر صور فوتوغرافية وعمل واحد مركزي متعدد الوسائط. وفي بعض الصور، تمتد خيوط حقيقية من سطح العمل لتشكل خطوطاً دقيقة وملموسة تربط الصورة بالذاكرة. تفيض هذه الخيوط بالعواطف والمشاعر: أحياناً ما تكون متجذرة في لحظات بعينها، وأحياناً أخرى تكون نابعة من الخيال، أو متشابكة مع أشياء واقعية جُمعت من تلك المساحات نفسها. لا تؤدي هذه الخيوط بالضرورة إلى شيء ملموس، لكنها ترسم كيفية تحوُّل المكان إلى تجربة شخصية. ولا تقدم الصور في هذه المجموعة إجابات قاطعة، بل تطرح تساؤلاتٍ إجاباتها غير محددة. إنها بمثابة عرض ودعوة صامتة لملاحظة ما نتجاوزه غالباً دون الالتفات إليه. إنها دعوة للجلوس - ولو للحظة - في المسافة الفاصلة بين الوضوح والغموض. ليس من الضروري أن نطلق اسماً على كل ما نشعر به في مكان ما، وهذا لا يعني أنه غير موجود! ما يهم حقاً هو كيف يحتضنني المكان، وكيف يغيّرني، وفي المقابل، كيف أخلّف ورائي شظايا من روحي، أحياناً دون أن أشعر.